الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الظفر بابن عائشة وبإبراهيم بن المهدي. كان إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام ويعرف باب عائشة ممن تولى كبر البيعة لإبراهيم بن المهدي ومعه إبراهيم بن الأغلب ومالك بن شاهين وكانوا قد اختفوا عند قدوم المأمون في نواحي بغداد ولما وصل نصر بن شيث وخرجت النظارة أنفذوا للخروج في ذلك اليوم ثم غلبهم بعض الناس فأخذوا في صفر من سنة عشرة ثم ضربوا حتى أقروا على من كان معهم في الأمر فلم يعرض لهم المأمون وحبسهم فضاق عليهم المحبس وأرادوا أن ينقبوه فركب المأمون بنفسه وقتلهم وصلب ابن عائشة ثم صلى عليه ودفنه ثم أخذ في هذه السنة إبراهيم بن المهدي وهو متنقب في زي إمرأة يمشي بين إمرأتين واستراب به بعض العسس وقال أين تردون في هذا الوقت؟ فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت في يده فازداد ريبة ورفعهن إلى صاحب المسلحة وجاء بهن إلى صاحب الجسر فذهب به إلى المأمون وأحضره والغل في عنقه والملحبة على صدره ليراه بنو هاشم والناس ثم حبسه عند أحمد بن أبي خالد ثم أخرجه معه عندما سار الحسن بن سهل ليغنم الصلح فشفع فيه الحسن وقيل ابنته بوران وقيل إن إبراهيم لما أخذ حمل إلى دار المعتصم وكان عند المأمون فأدخله عليه وأنبه فيما كان منه واعتذر بمنظوم من الكلام ومنثور أتى فيه من وراء الغاية وهو منقول في كتب التاريخ فلا نطيل بنقله..انتقاض مصر والإسكندرية. كان السري بن محمد بن الحكم واليا على مصر وتوفي سنة خمس ومائتين وبقي ابنه عبد الله فانتقض وخلع الطاعة وأنزل بالإسكندرية جالية من الأندلس أخرجهم الحكم بن هشام من ربضي قرطبة وغر بهم إلى المشرق ولما نزلوا بالإسكندرية ثاروا وملكوها وولوا عليهم أبا حفص عمر البلوطي وفشل عبد الله بن طاهر عنهم بمحاربة نصر بن شيث فلما فرغ منه ثار من الشام إليهم وقدم قائدا من قواده ولقيه ابن السري وقاتله وأغذ ابن طاهر المسير فلحقهم وهم في القتال وانهزم ابن السري إلى مصر وحاصره عبد الله بن طاهر حتى نزل على الأمان وذلك سنة عشرة ثم بعث إلى الجالية الذين ملكوا الإسكندرية بالحرب فسألوه الأمان على أن يرتحلوا إلى بعض الجزائر في بحر الروم مما يلي الإسكندرية ففعل نزلوا جزيرة أقريطش واستوطنوها وأقامت في مملكة المسلمين من أعقابهم دهرا إلى أن غلب عليها الإفرنجة..العمال بالنواحي. لما استقر المأمون ببغداد وسكن الهيج وذلك سنة أربع ولى على الكوفة أخاه أبا عيسى وعلى البصرة أخاه صالحا وعلى الحرمين عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب وعلى الموصل السيد بن أنس الأزدي وولى على الشرطة ببغداد ومعاون السواد طاهر بن الحسن استقدمه من الرقة وكان الحسن بن سهل ولاه عليها فقدم واستخلف ابنه عبد الله عليها ثم ولاه المأمون سنة خمس خراسان وأعمال المشرق كلها واستقدم ابنه عبد الله فجعله على الشرطة ببغداد مكان أبيه وولى يحيى بن معاذ على الجزيرة وعيسى بن محمد بن أبي خالد على أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك ومات عامل مصر السري بن محمد بن الحكم فولى ابنه عبيد الله مكانه ومات داود بن يزيد عامل السند فولى بشر بن داود مكانه على أن يحمل ألف ألف درهم كل سنة ثم مات يحيى بن معاذ سنة واستخلف ابنه أحمد فعزله المأمون وولى مكانه عبد الله بن طاهر وضاف إليه مصر وسيره لمحاربة نصر بن شيث وولى عيسى بن يزيد الجلودي محاربة الزط سنة خمس ثم عزله سنة ست وولى داود بن منحور مع أعمال البصرة وكور دجلة واليمامة والبحرين وولى في سنة سبع محمد بن حفص على طبرستان والرويان ودنباوند وفيها أوقع السيد بن أنس بجماعة من عرب بني شيبان ووديعة بما فشا من إفسادهم في البلاد فكبسهم بالدسكرة واستباحهم بالقتل والنهب وفي سنة تسع ولى صدقة بن علي ويعرف بزريق على أرمينية وأذربيجان وأمره بمحاربة بابك وقام بأمره أحمد بن الجنيد الاسكافي فأسره بابك فولى إبراهيم بن الليث بن الفضل أذربيجان وكان على جبال طبرستان شهريار بن شروين فمات سنة عشر وقام مكانه ابنه سابور فقتله مازيار بن قارن في حرب أسره فيها وملك جبال طبرستان وفي سنة احدى عشرة قتل زريق بن علي بن صدقة الأزدي السيد بن أنس صاحب الموصل وقد كان زريق تغلب على الجبال ما بين الموصل وأذربيجان وولاه المأمون عليها فجمع وقصد الموصل لحرب السيد فخرج إليه أربعة آلاف فاشتد القتال بينهم وقتل السيد في المعركة فغضب المأمون لقتله وولى محمد بن حميد الطوسي على الموصل وأمره بحرب زريق وبابك الخرمي فسار إلى الموصل واستولى عليها سنة اثنتي عشرة ومات موسى بن حفص عامل طبرستان فولى المأمون مكانه ابنه وولى حاجب بن صالح على الهند فوقعت بينه وبين بشر بن داود صاحب السند حرب وانهزم بشر إلى كرمان ثم قتل محمد بن حميد الطوسي سنة أربع عشرة قتله بابك الخرمي وذلك أنه لما فرغ من أمر المتغلبين بالموصل سار إلى بابك في العساكر الكاملة الحشد وتجاوز إليه المضايق ووكل بحفظها حتى انتهى إلى الجبل فصعد وقد أكمن بابك الرجال في الشعراء فلما جال ثلاثة فراسخ خرجت عليهم الكمائن فانهزموا وثبت محمد بن حميد حتى إذا لم يبق معه إلا رجل واحد فتسلل يطلب النجاة فعثر في جماعة من الحربية يقاتلون طائفة من أصحابه فقصدوه وقتلوه وعظم ذلك على المأمون واستعمل عبد الله بن طاهر على خراسان لأنه كان بلغه أن أخاه طلحة بن طاهر مات وقام علي أخوه مكانه خليفة لعبد الله وعبد الله بالدينور يجهز العساكر إلى بابك فولى على نيسابور محمد بن حميد فكثر عيث الخوارج بخراسان فأمره المأمون بالمسير إليها فسار ونزل نيسابور وسأل عن سيرة محمد بن حميد فسكتوا فعزله لسكوتهم وفي سنة اثنتي عشرة خلع أحمد بن محمد العمري يعرف بالأحمر العين باليمن فولى المأمون ابنه العباس على الجزيرة والثغور والعواصم وأخاه أبا إسحق المعتصم على الشام ومصر وسير عبد الله بن طاهر إلى خراسان وأعطى لكل واحد منهم خمسمائة ألف درهم وبعث المعتصم أبا عميرة الباذغيسى عاملا على مصر فوثب به جماعة من القيسية واليمانية فقتلوه سنة أربع عشرة فسار المعتصم إلى مصر فقاتلهم وافتتح مصر وولى عليها واستقامت الأمور وفي سنة ثلاث عشرة ولي المأمون غسان بن عباس على السند لما بلغته خلاف بشر بن داود وفي سنة أربع عشرة استقدم المأمون أبا دلف وكان بالكرخ من نواحي همدان منذ سار مع عيسى بن ماهان لحرب طاهر وقتل عيسى فعاد إلى همذان وراسله طاهر يدعوه إلى البيعة فامتنع وقال له ولا أكون مع أحد وأقام بالكرخ فلما خرج المأمون إلى الري أرسل إليه يدعوه فسار نحوه وجلا بعد أن أغرى عليه أصحابه الإمتناع وفي سنة أربع عشرة قتل باليمن وفيها ولى المأمون علي بن هشام الجبل وقم وأصبهان وأذربيجان وخلع أهل قم وكانوا سألوا الحطيطة من خراجهم وهو ألف ألف درهم لأن المأمون لما جاء من العراق أقام بالري أياما وخفف عنهم من الخراج فطمع أهل قم في مثلها فأبى فامتنعوا من الاداء فسرح إليهم علي بن هشام وعجيف بن عنبسة وظفروا بهم وقتلوا يحيى بن عمران وهدموا سورها وجبوها على سبعة آلاف ألف وفي سنة ست عشرة ظهر عبدوس الفهري بمصر وقتل بعض عمال المعتصم فسار المأمون إلى مصر وأصلحها وأتى بعبدوس فقتله وقدم من برقة وأقام بمصر وفيها غضب المأمون على علي بن هشام ووجه عجيفا وأحمد بن هشام لقبض أمواله وسلامه لما بلغه من عسفه وظلمه وأراد قتل عجيف واللحاق ببابك فلم يقدر وظفر به عجيف وجاء به إلى المأمون فأمر بقتله وطيف برأسه في الشام والعراق وخراسان ومصر ثم ألقي في البحر وقدم غسان بن عباد من السند ومعه بشر بن داود مستأمنا فولى على السند عمران بن موسى العكي وهرب جعفر بن داود القمي إلى قم فخلع وكان محبوسا بمصر منذ عزله المأمون عن قم فهرب الآن وخلع فغلبه علي بن عيسى القمي وبعث به إلى المأمون فقتل.
|